كان علي أن افعل ذلــك...

كَانَ عَلَيّ أنْ أتَقَنّع وَ أنْ أتَلَوّن وَ أنْ أخَبّئ مَلامِح نُفُورِي
بِقِنَاعٍ أبْيَضٍ ، أزْرَقٍ ، أحْمَر ، أصْفَرٍ ... لا يَهُم
المُهم انّهُ سَيُوارِي الحَقِيْقَة لِيَمْنحهُم مَا يُرِيدُونه
" النّفَاق وَ المُجَامَلَة " ،!



كَانَ عَلَيَّ أنْ أكْذِب وَ أنْ أدّعِي الحُبّ وَ أنْ أقَهْقِهُ لِنكتَةٍ " سَخِيفَة "
وَ أنْ أصَفّق لِحَرَكاتِهم البَهْلوانِيّةِ بِحَرَارَة وَ أنْ أشْتم عِنْدَما يَشْتمون
وَ أمْدَح عِنْدَما يَمْدَحُون وَ أنْ أؤجّر عَوَاطِفِي لَهُم بِالمَجّانِ
وَ أمْنحهم عَقْلِي قُرْبَانَاً ابْتِغَاء مَرْضاتِهم ،!




كَانَ عَلَيّ أنْ آبهَ لَهُم حَتّى يَكَاد العَالم يَخْلو مِن البَشَرِ إلا مِنهم ،
وَ أنْ أنْفَخَ فِي قَرَابيهم المَثْقُوبَة حَتّى يَتعَمْلَقَ فَرَاغهم وَ يَصِل إلى السّمَاء ،
وَ أنْ أغَمِّس حُرُوفِي بِعَسَلٍ مُزَيّفٍ قَبْلَ أنْ أقدّمها لَهُم ،
وَ كَانَ عَلَيّ أنْ أجْعَل جَنّتِي وَ نَارِي بَيْنَ أيْدِيهم ،
كُلّما رَضوا عَنّي دَنوتُ إلى الجِنانِ
وَ إنْ غَضِبوا تَقَهْقرت نَحْوَ النّارِ ،!




فَـ بِرَبّكِ يَا أنَا !! ... هَل كَانَ صَعْبٌ عَلَيْكِ
أنْ تَفْعَلِي مَا يُرِيدهُ أولئكَ الفُقَاعَات !!؟